اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 239
حَتَّى يَبْلُغَ
اليتيم أَشُدَّهُ
ورشده اى يسع منه التصرفات الشرعية شرعا وحينئذ يسلم اليه ماله بعد تجربته واختباره مرارا
وَمن جملتها ايضا ان لا تنقصوا ولا تخسروا في الكيل والوزن بل أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ
والعدل السوى ولا تنقصوا منهما وان كان الوفاء في غاية الصعوبة والعسرة فعليكم ان تبذلوا وسعكم وطاقتكم في تعديلهما وايفائهما مهما أمكن لكم وما هو خارج عن وسعكم معفو عنكم إذ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
ومقدار طاقتها ومكنتها
وَمن جملتها ايضا ان لا تميلوا ولا تحيفوا في الاحكام ايها الحكام بل إِذا قُلْتُمْ
وحكمتم حال كونكم حاكمين بين الخصمين فَاعْدِلُوا
في الحكومة وَلَوْ كانَ
المحكوم عليه اوله ذا قُرْبى
من ذوى قرابتكم وحميمكم فعليكم الاحتياط والمبالغة فيه
وَعليكم ايها الحكام ان لا تتجاوزوا في الاحكام عما حكم الله به مطلقا بل بِعَهْدِ اللَّهِ
الحكيم العليم أَوْفُوا
وبمقتضى حكمه وحكمه وفوا ذلِكُمْ
المذكور مما وَصَّاكُمْ
الله بِهِ
فاتقوا الله واحذروا من بطشه لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
رجاء ان تتذكروا وتتعظوا به ايها المتوجهون الى توحيده
ثم قال سبحانه وَاعلموا ايها المائلون نحو توحيدي أَنَّ هذا المذكور في هذا الكتاب سيما في هذه السورة من الأوامر والنواهي وعموم المحرمات والمحللات والاحكام والإشارات والآداب والمعاملات صِراطِي الموصل الى توحيدي مُسْتَقِيماً سويا بلا ميل واعوجاج فَاتَّبِعُوهُ حتى تفوزوا اليه وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ المتفرقة والطرق المختلفة المنحرفة المعوجة فَتَفَرَّقَ بِكُمْ وتضلكم عَنْ سَبِيلِهِ اى سبيل توحيده الذاتي ذلِكُمْ اى الاتباع المذكور مما وَصَّاكُمْ الله بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ رجاء ان تحذروا بسببه عن سبل الاهوية الفاسدة والآراء الباطلة المضلة عن طريق الحق وتوحيده
ثُمَّ اعلموا أنا قد آتَيْنا من مقام جودنا مُوسَى عليه السّلام الكليم الْكِتابَ اى التورية المبين لطريق التوحيد وعلمناه تَماماً كاملا عَلَى الوجه الَّذِي أَحْسَنَ بيانه وتوضيحه وَقد بينا فيه تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ من الكوائن والفواسد المتعلقة بعالم الملك والشهادة وَهُدىً من الحقائق والمعارف المتعلقة بعالم الغيب والملكوت وَرَحْمَةً من المكاشفات والمشاهدات المسقطة لعموم الإضافات مطلقا المفنية لنقوش الغير والسوى رأسا لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ رجاء ان يتحققوا بمراتب العلم والعين والحق
وَهذا اى القرآن كِتابٌ أَنْزَلْناهُ متمما لمقاصد الكتب السالفة مروجا لحكمها وأحكامها مُبارَكٌ كثير الخير والبركة والنفع لمن آمن به وصدقه فَاتَّبِعُوهُ ايها المتوجهون نحو التوحيد الذاتي وامتثلوا بجميع أوامره واجتنبوا عن عموم نواهيه وَاتَّقُوا عن تكذيبه وعن القدح فيه وفي من انزل اليه لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ تكشفون وتفوزون به الى فضاء التوحيد
وانما أنزلنا القرآن بعد التورية والإنجيل وان كان اكثر احكام الكتب الإلهية مشتركة كراهة أَنْ تَقُولُوا ايها المؤمنون إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا اى اليهود والنصارى وعلى لسانهم ولغتهم فلا تقبلون الاحكام الإلهية معللين به قائلين وَإِنْ اى وانه قد كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ قراءتهم وتعلمهم لعدم علمنا بوضع لغتهم
لَغافِلِينَ أَوْ ان تَقُولُوا متحسرين متمنين لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ كما انزل عليهم لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ لحدة أذهاننا وصفاء صدورنا ومتى علم واطلع سبحانه من استعداداتكم هذا فَقَدْ جاءَكُمْ من عنده سبحانه لهديكم وايصالكم الى مقر توحيده بَيِّنَةٌ واضحة لائحة ناشئة مِنْ رَبِّكُمْ الذي رباكم بافاضة استعدادات
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 239